درس الفقيه كلّ الفقيه: قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه | التربية الإسلامية

درس الفقيه كلّ الفقيه: قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه | التربية الإسلامية

درس الفقيه كلّ الفقيه: قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه

ميزانٌ تربوي: رجاءٌ بلا قنوط، وخوفٌ بلا إياس، وقلبٌ معلّقٌ بالقرآن، وعلمٌ يثمر عملًا.

🕯️ النص المؤطِّر

«ألا أُنبِّئُكم بالفقيهِ كلِّ الفقيهِ؟ قالوا: بلى. قال: من لم يُقنِّطِ الناسَ من رحمةِ الله، ولم يُؤيِّسْهم من روحِ الله، ولم يُؤمِّنْهم من مكرِ الله، ولا يدَعُ القرآنَ رغبةً عنه إلى ما سواه. ألا لا خيرَ في عبادةٍ ليس فيها تفقُّه، ولا علمٍ ليس فيه تفهُّم، ولا قراءةٍ ليس فيها تدبُّر».
نقله ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.

🎯 أهداف الدرس

  • هدف معرفي: أن يتعرّف المتعلم معالم «الفقهِ كلِّ الفقه»: التوازن بين الرجاء والخوف، ومركزية القرآن، والعلم النافع (تفقّه/تفهّم/تدبّر).
  • هدف وجداني: أن يحبّ المتعلم رحمةَ الله ويرجوها، ويخاف معصيتَه دون قنوطٍ ولا أمنٍ مُضلّ، ويُعظّم القرآن.
  • هدف حِس-حركي: أن يطبّق المتعلم مواقف عملية في النصح الرقيق، وخطوات للتدبّر اليومي، وموازنة بين الرجاء والخوف في سلوكه.

💡 الوضعية المشكلة

في مجموعة الصفّ، نشر أحد الزملاء رسالةً قاسية تُشعِرُ باليأس من المغفرة، وردّ آخر بعبارة مطمئنة تُهوّن من المعصية، بينما اقترحت زميلة «ختمةَ تدبُّر» أسبوعية. اختلط الأمر على التلاميذ: هل نُشدّد أم نُيسّر؟ وكيف نوازن بين الرجاء والخوف؟ وما مكانة القرآن؟

🧠 تحليل الوضعية المشكلة

  • القضية: غيابُ التوازن التربوي بين الرجاء والخوف، وضعفُ مركزية القرآن في توجيه السلوك.
  • المواقف:
    • مُشدِّد يُقنِّط (تنفير).
    • مُتهاون يُؤمِّن من مكر الله (تساهل).
    • متوازن يُبشِّر ويُنذر ويجعل القرآن مرجعَه.
  • الإشكال الموجِّه: كيف يدلّنا هذا الأثر على طريق «الفقهِ كلِّ الفقه» في تربية النفس ونصح الآخرين؟

⚖️ المحور 1: التوازن بين الرجاء والخوف

المفهوم: الفقيه حقًّا يربّي على رجاء رحمة الله بلا قنوط، وعلى خوف عقابه بلا أمنٍ مُضلّ.

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ﴾ [الزمر: 53]
﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ[الأعراف: 99]
﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: 87]
«يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تُنفِّروا» [متفق عليه]

شرح مبسّط: يسير المسلم إلى الله بجناحين: رجاء وخوف؛ يتجنّب خطاب اليأس كما يتجنّب خطاب التهوين.

📖 المحور 2: مركزية القرآن وعدم هجره

المفهوم: «ولا يدع القرآن رغبةً عنه إلى ما سواه» أي لا يُعرض عنه لشيء يصرف القلب عن هُداه.

﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ [ص: 29]
﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ [محمد: 24]
«خيرُكم من تعلَّم القرآن وعلَّمه» [البخاري]

تطبيق مبسّط: وردٌ يومي (10 دقائق): تلاوةٌ بتؤدة + معنى كلمة + فكرة تدبّر واحدة تُكتب في بطاقة.

🎓 المحور 3: العلم النافع – تفقُّه، تفهُّم، تدبُّر

المفهوم: «لا خير في عبادة بلا تفقّه، ولا علم بلا تفهّم، ولا قراءة بلا تدبّر»؛ العلم ما قاد إلى العمل وحُسن الخلق.

﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]
﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[فاطر: 28]
«من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة» [مسلم]

مثال صفّي: سؤال أسبوعي لأهل الذكر (الأستاذ/الإمام) ثم مشاركة الجواب في لوحة القسم.

💎 جدول القيم والأحكام

💎 القيم المستفادة⚖️ الأحكام الشرعية
الرجاء في الله – الخوف من الله – تعظيم القرآن – الحكمة والرفق – طلب العلم – الإخلاص والمداومة تحريم القنوط من رحمة الله – تحريم الأمن من مكر الله – وجوب تعلّم ما لا يسع الجهل به، واستحباب الإكثار من التلاوة والتدبّر – استحباب التبشير وترك التنفير – وجوب النصح بالمعروف وحرمة الغلظة المنفّرة.

📌 امتدادات سلوكية

  • ألتزم وردي القرآني (10 دقائق) وأكتب فكرة تدبّر واحدة يوميًا.
  • أُعيد صياغة نصحي لزميلي: «تبشير بلا تنفير» (عبارات لبقة، حلّ عملي).
  • أحفظ آية واحدة تُقوّي الرجاء، وأخرى تُوقظ الخوف، وأتأمّل توازنهما.
  • أسأل معلّمي عن مسألة أشكلت عليّ (تفهّم) ثم أدوّن الجواب في دفتر خاص.

أسئلة تفاعلية (وفق هرم بلوم)

🧠 التذكّر: اذكر أربع صفات للفقيه كلّ الفقيه الواردة في الأثر.

لا يُقنِّط من رحمة الله، لا يُؤيِّس من روح الله، لا يُؤمِّن من مكر الله، لا يهجر القرآن إلى ما سواه.

🔍 الفهم: ما الفرق بين القنوط من رحمة الله والأمن من مكر الله؟

القنوط يأسٌ يقطع عن التوبة؛ والأمن تساهلٌ يجرّئ على المعصية. وكلاهما انحراف.

🧩 التطبيق: حرّر رسالة نصح رفيقة لزميل قصّر في الصلاة (3 أسطر) تُبشِّره ولا تُنفِّره.

نموذج: «أثق أنّك تحبّ ربك... الصلاة مفتاح راحتك... لنبدأ بركعة وِتر الليلة…»

🧠 التحليل: قارن أثر أسلوبين في الدعوة: (تخويف بلا رجاء) و(تساهل مطمئن).

الأول يولّد اليأس والانسحاب؛ الثاني يضعف المحاسبة؛ التوازن يُثمر الاستقامة.

⚖️ التقييم: قيّم عبارة «الله غفور فلا بأس ببعض المخالفات» في ضوء النصوص.

مغلوطة؛ الغفران مشروط بالتوبة والعمل، ولا يجوز الاغترار برحمة الله.

💡 الإبداع: صمّم ملصق «اقرأ… تفهّم… تدبّر» بخطة يومية من 3 خطوات.

قراءة هادئة – معنى كلمة – فكرة عمل واحدة.

📝 نشاط تطبيقي صفّي

اسم النشاط: «ميزان القلب».
الخطوات: يكتب المتعلم آيتين: إحداهما تُنمّي الرجاء، والأخرى تُوقظ الخوف، ثم يقترح عملاً واحدًا يترجم التوازن في يومه.
التقويم: سلامة الاختيار – واقعية العمل – وضوح العرض.

خاتمة تربوية

«الفقيه كلّ الفقيه» يمسك ميزان الشريعة: رجاءٌ بلا قنوط، وخوفٌ بلا إياس، وقلبٌ مُعلّقٌ بالقرآن، وعلمٌ يُثمر فهمًا وتدبّرًا وعملًا. بهذا الميزان يُحسن الشابّ نصح نفسه وزملائه ويسير بثبات إلى الله.


✍️ إعداد: ذ. علي حنين – أستاذ مادة التربية الإسلامية

🔗 تابعوا المزيد من الدروس على مدونتكم التعليمية

💬 ليست هناك تعليقات:

🌟

كن أول من يشارك أفكاره! مشاركتك تثري النقاش وتساعد زملاءك

ابدأ النقاش الآن